(3) من (ستانلي) إلى المقر ..

أصبحت مدمناً على حضور أي نشاط خاص بالحملة ..

لذلك فقد اتجهت إلى المكان الذي تم ذكره في جروب الحملة على ال(فيس بوك) ..

كوبري (ستانلي) .. الخامسة عصراً ..

وصلت في الموعد المحدد .. ولكني لم أجد أحد ...
الله ؟؟؟
أين ذهبوا ؟ .. هل تأخرت عليهم ؟؟؟ .. لا أظن ذلك فالساعة الآن الخامسة بالتمام ..
تذكرت أنه قد كُتب على الجروب رقم المسئولة عن المسيرة اليوم ..
(بسمة ضيف) ..

وكانت تلك اللحظة من المرات التي أحمد الله على نعمة ال(واي فآي) .. فقمت بالدخول على الجروب وأحضرت رقمها المكتوب واتصلت بها ..
أخبرتني أن المسيرة بدأت من المنشية وإنها قادمة إلى (ستانلي) ولكن هناك من ينتظرهم من أعضاء الحملة على الكوبري وهو (عبد الرحمن صباحي) وأعطتني رقمه ..
تقابلت معه بعد الاتصال به وجلست أتحدث معه ..
وكما هو واضح من الاسم فهو من أقارب (حمدين صباحي) ابن أخيه تحديداً ..

واستغللت الفرصة وسألته عن (حمدين صباحي) .. فقلما تأتي فرصة كهذه وتمنيت أن يتأخر شباب الحملة حتى اعرف منه أكثر ..

ولكن لم يمر سوى ربع الساعة حتى أتت جحافل الحملة .. أعلم أن كلمة جحافل مُبالغ فيها وأن عددهم ليس بكبير ولكني رأيتهم كجيش ذو عقيدة راسخة آتٍ ليحقق هدف ما .
في هذا اليوم تحديداً علمت أن هناك ما يسمى ب(أولترس صباحي) هو يختلف عن أي (أولترس) في أنه ليس تابع لفريق كروي بل تابع لحلم يتمثل في (حمدين صباحي) رئيساً..
يتغنون بالأغاني الحماسية التي تم تأليفها خصيصا للحملة أو تم تعديلها لتناسب الحملة .. يسيرون بزي موحد .. يحملون أعلام خاصة بهم ..
جو جميل من البهجة والحماس يجعلك تشعر أنك أمام شباب لديهم حلم ويريدون فقط أن يصبح حقيقة .

كنت في وسطهم ككائن غريب .. الجميع ينظر لي ويتساءل في نفسه : " مين ده ؟ أول مرة نشوفه " .. ولكن هذا شيء متوقع لأنني مستجد .
حاولت الاندماج فوجدت الترحيب .. وتغيرَت إجابتي من : " عضو معاكم بس بشكل غير رسمي " إلى " عضو جديد في الحملة " .
شاركتهم في توزيع الورق الدعائي تارة وتارة أخرى وقفت ب(بنارات) ..
وكان كوبري (ستانلي) مليء بلافتات مرشحين رئاسيين ولكنه يخلو من لافتة واحدة ل(حمدين صباحي) ..

تناقشت مع من شعرت أنهم أعضاء قدامى في الحملة حول هذا الأمر فأخبروني أن ميزانية الحملة لا تكفي لتغطية كافة مناطق (الإسكندرية) من حيث الدعاية ولهذا فهم يقومون بمسيرات وفعاليات بشكل مكثف تعويضاً عن نقص المواد الدعائية ..
للأمانة احترمت تلك الفكرة وأزداد تقديري لهم ..

هم يقتطعون من أوقاتهم لدعم (حمدين صباحي) ويسيرون مسافات كبيرة ويقفون لفترات طويلة .. وكل هذا بلا مقابل مادي ويرون أنهم بذلك يستثمرون في مستقبلهم ..
يا لهم من شباب رائع .. أعمار مختلفة اجتمعت حول هدف واحد .. فهل هناك أروع من ذلك ؟
مرت حوالي الساعة على وقوفنا فوجدتهم يستعدون للرحيل .. ولكن الرحيل إلى أين ؟
" مقر الحملة في (رشدي) "
قالها لي (محمد فايد) بعدما تعارّفنا على بعضنا البعض ..
سرت معه وأمامنا باقي أعضاء الحملة متجهين إلى المقر ، وتبادلت معه الحديث وعرفت أنه كان من المنضمين إلى حزب الكرامة قبل انضمامه إلى الحملة ..
فوجدت فيه ضالتي عن السؤال عن مسئولية (حمدين صباحي) عن تحالف حزب الكرامة مع الإخوان في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لأن هذا السؤال قد طُرح عليّ كثيراً ..
فأخبرني بأن (حمدين) كان قد تخلي عن رئاسة الحزب من قبل الانتخابات البرلمانية بفترة كبيرة وبالتالي فهو غير مسئول عن قرار التحالف بل كان حينها عضواً في الحزب كغيره من الأعضاء ..

حمدت الله أنني حصلت على إجابة أكيدة لهذا التساؤل و ...
وجدت أحد الفتيات معنا في الحملة تسألنا فجأة :
" حد معاه بوستر ل(حمدين) ؟؟ "
أجبناها بالنفي ، ونظرت لأستعلم عن سبب سؤالها فأدركت أن أحدى السيارات قد توقفت خصيصاً لطلب بوستر حتى يتم لصقه على زجاجها ..
قال لها (محمد فايد) أن البوسترات مع أحد أفراد الحملة ممن سبقونا إلى المقر فركضنا نحو المقر للإتيان به ..
انتظرته أسفل مبنى المقر بينما صعد هو إليه .. وعاد  بالبوستر بعد دقيقتان وظننت أنه من المؤكد أن السيارة قد رحلت ولكنني وجدت أنها مازالت منتظرة وبجوارها تقف زميلتنا في الحملة وكأنها كما يقولون (مثبتاها) حتى يأتي البوستر ..
اندهشت لتصرف كلاً منهما ..

هو قد ركض لإحضار (البوستر) برغم معرفته باحتمالية أن ترحل السيارة لتأخره ، وهي أقنعت السيارة بالانتظار ..
هل لهذا الحد هم يؤمنون بأهمية شخص واحد  وبوستر واحد في نجاح (حمدين) ؟؟

غيرهم قد يقول لقائد السيارة أنه لا يحمل بوستر ويتركه يرحل ببساطة .. ولكن كليهما أرادا ألا يتركا فرصة أن تحمل سيارة مُلصق ل(حمدين) .. فهم ينظرون لأبعد من ذلك بكثير ..

 ينظرون إلى عدد من سيشاهدون المُلصق وعدد من سيفكرون في إمكانية اختيارهم ل(حمدين) أو رغبتهم في معرفة من هو (حمدين) ..
عرفت أن الفتاة أسمها (أية السعيد) ..

وتصرفها هذا ينم عن اعتقاد راسخ بأنه لا تهاون في أي شيء - مهما كان بسيطاً – قد يُحقق هدف الحملة ..
ويا له من اعتقاد وعقيدة تستحق أن نرفع لها القبعة .

وصلنا إلى المقر ..

وعلى عكس ما توقعته كان المقر عبارة عن غرفة واحدة صغيرة إلى حد ما .. ولكن الشباب قد اجتمعوا بخارجها وتأقلموا على هذا الوضع كما لاحظت ..
سألت نفسي حينها .. ما الذي يُجبر أحداً منهم على الاشتراك في الحملة وسط قلة الإمكانيات تلك ؟ .. ووجدت الإجابة حينما سمعتهم يخططون لجدول الغد ويُقسّمون أنفسهم لمجموعة تذهب صباحاً في فعالية في مُجمع الكليات والمجموعة الثانية تذهب إلى فعالية ليلاً وتنضم إليهم المجموعة الأولى ..
الإجابة أنهم يملكون أهم مورد في أية حملة انتخابية ..
المورد البشري ..
ويوظفونه بشكل جيد ويعوضون به نقص الإمكانيات المادية ..
شردت للحظات في حالة التفاؤل التي أصابتني ..
سننجح .. بإذن الله سننجح ..
سألتني (بسمة ضيف) – والتي لسبب لا أعرفه ظللت لفترة طويلة أعتقد أن أسمها (نسمة) – عن إن كنت معهم في (الأولترس) .. فأجبتها وأنا أشعر بالسعادة :

 " أنا عضو جديد في الحملة ومعاكم لحد الأخر إن شاء الله "

(يُتبع)

محمد العليمي