من قال أن النوم سلطان ؟
لقد عاملته وكأنه خادم بإهمالي له طوال
الثلاث أيام السابقة .. وها أنا لا آخذ قسطاً كبيراً منه مرة أخرى وآخذ منه قدر ما
يجعلني أستيقظ لأعود مرة أخرى إلى المقر لمتابعة النتائج مع باقي أعضاء الحملة .
دلفت إلى المقر الكبير للحملة ب(جليم) وأنا
أبدو كمصاصي الدماء من شدة شحوب وجهي ، لكني شعرت أنني لست بمفردي في تلك الحالة
.. فكل المتواجدين هناك كانوا في حالة (اللا نوم - اللا يقظة) الشهيرة ..
" أيه الأخبار يا شباب ؟ "
لم يجيبني أحد من الجالسين ؛ فهم يتابعون مؤشرات النتائج عبر التليفزيون .. فوقفت بجوارهم أتابع .
لم يجيبني أحد من الجالسين ؛ فهم يتابعون مؤشرات النتائج عبر التليفزيون .. فوقفت بجوارهم أتابع .
لقد انقلبت النتائج بشكل مريب ..
أصبح هناك صراع مشتد بين (حمدين) و(شفيق) على
المركز الثاني .. وأصبح السؤال المطروح في المقر هو : " من أين أتت كل تلك
الأصوات ل(شفيق) ؟ "
رضخنا للأمر وترقبنا وصول نتائج باقي
المحافظات والتي ستكون فاصلة .
مابين الإنترنت والتليفزيون نتنقل .. وتتبدل
مشاعرنا في كل لحظة وبعد كل نتيجة ..
القلق هو سيد الموقف كما يقولون ..
المقر يمتلئ بمن أعرفهم ومن لم أعرفهم ومن
عرفتهم لاحقاً ..
(نادين ملوك) تخبرنا عن شعورها بأن هناك أمر
مريب في النتائج ..
(عز مشالي) يتابع ردود الأفعال عبر الإنترنت
..
(أحمد منسي) يطالب المتواجدين أن ينصتوا إلى
الأنباء الواردة عن نتائج أحد اللجان ..
يرن هاتفي فأجد رقم مجهول على الشاشة ..
" ألو السلام عليكم .. (محمد العليمي)
معايا ؟ "
- " أيوا يا فندم مين معايا ؟ "
- " أيوا يا فندم مين معايا ؟ "
- " أنا (محمد) مندوب (محمد مرسي) اللي
كنت معاك في اللجنة "
- " آه أهلا وسهلا .. تحت أمرك "
- " آه أهلا وسهلا .. تحت أمرك "
- " أكيد حضرتك طبعاً متابع النتيجة
فكنت عايز أعرف حملتكم هتدعم مين في حالة وجود (شفيق) مع د. (محمد مرسي) في
الإعادة ؟ "
قلت له محاولاً عدم سبه :
- " أولاً لسه النتائج ما خلصتش عشان حضرتك تسألني السؤال ده .. فأزاي تسبق الأحداث وتطلب منا كحملة نحدد موقفنا من حاجة لسه في علم الغيب !!! .. لسه السباق ما خلصش "
قلت له محاولاً عدم سبه :
- " أولاً لسه النتائج ما خلصتش عشان حضرتك تسألني السؤال ده .. فأزاي تسبق الأحداث وتطلب منا كحملة نحدد موقفنا من حاجة لسه في علم الغيب !!! .. لسه السباق ما خلصش "
- " أنا عن نفسي بتمنى أن (حمدين) يبقا
مع د. (محمد مرسي) في الإعادة "
كنت قد فقدت أعصابي تماماً في تلك اللحظة
فقلت والغضب يُغلف صوتي :
- " وانتو خلاص أتأكدتو إنكم في الإعادة
كمان ؟؟؟ .. ده شكلك جايب النتيجة من الكونترول بقى .. معلش أنا مضطر اقفل لأن
عندي حاجات مهمة لازم أعملها "
وأنهيت المكالمة وودت لو حطمت الهاتف من شدة
الغضب .. ولكني تمالكت نفسي ووقفت بجوار النافذة أدخن سيجارة بعصبية .
تركض الساعات ومعها يصبح (حمدين) في المركز
الثالث بفارق من الأصوات عن (شفيق) ويتبقى نتائج محافظتي القاهرة والجيزة ..
كانت الدعوات تملئ أفواهنا وأفئدتنا بأن تكون
هاتان المحافظتان هما طوق النجاة ل(حمدين) ..
مرت لحظات الإنتظار علينا كأعوام .. ومرت
الدقائق كعقود ..
نشعر بالتفاؤل أحياناً .. نُصاب بالإحباط
أحياناً أخرى ..
نستمع إلى أنباء عن صعود (حمدين) إلى المركز
الثاني فنهلل .. نستمع إلى أنباء أخرى عن إتساع الفارق بينه وبين (شفيق) فنُصاب
بخيبة الأمل ..
وجاءت المؤشرات النهائية بإعلان نتائج محافظة
الجيزة ..
حمدين في المركز الثالث ..
بدا الأمر وكأن كل شخص منا قد أحيطت به أسوار
.. كل منا أصبح في عالم خاص به فلا يرى
أحد من حوله ولا يشعر بوجود أحد ..
هناك من أفترش أرضاً وظل شارداً ..
هناك من ظلت تبكي ..
هناك من حبس دموعه وإن رأيناها في تفاصيل
وجهه وفي كلماته ..
حالة من الصمت أصابتنا جميعاً ولم يجرأ أحد منا
على مؤازرة الآخر ..
ظللت واقفاً أنظر إلى الوجوه التي بكت بدلاً
عن بكائي وصمتت بدلاً عن صمتي ..
وجدت (أسامة عابدين) يقترب مني ويقول لي :
" زعلان ليه ؟ .. حمدين ما خسرش ..
حمدين هو الريس "
أعترف أنني لم آخذ ما قاله بمحمل الجدية في
تلك اللحظة .. ولكني في الأيام التالية فهمت ما كان يقصده ..
نعم (حمدين) لم يخسر وحلمنا لم ينتهي ..
لقد أثبت (حمدين) أنه هو الأجدر وحقق ما لم
يحققه غيره ممن أدعى أنصاره أن فرصته أعلى وأن فرصة (حمدين) في الفوز ضعيفة ..
إلتففنا حوله لأننا رأينا فيه مستقبلنا ..
رأينا في صدقه أحلامنا ..
رأينا فيه الثورة التي قال أنه حلم بها
وتمنينا أن نحقق معه أهدافها ..
وفي تلك اللحظات التي أكتب فيها تلك الكلمات
نُكمل ما ظننا أنه انتهى بخروجه من السباق الرئاسي ..
نُكمل الحلم الذي لن ينتهي ما دمنا أحياء وما
دمنا نعشق هذا الوطن .
قد يكون هذا آخر مقال عن ذكرياتي داخل الحملة
ولكن علاقتي بالحملة لم تنتهي ..
فالأهداف ما زالت قائمة ولم تتحقق وسأظل معهم
حتى تتحقق ..
ومن يعلم ؟ .. فربما بعد أن نحقق أهداف
التيار الشعبي وننجح في تلك التجربة تجدونني وقد كتبت عن تجربتي فيه ..
هل ما سأكتبه سيكون
تحت عنوان ( أن تكون في التيار الشعبي) ؟
لا أعتقد ذلك ..
ولكني واثق أن ما سأكتبه حينها سيكون عن نجاحنا في الإنتخابات البرلمانية ولربما
الرئاسية إن تمت مُبكراً ..
أسمع من يقول أنني
أحلم وواهم ..
كنت أقول مثلما
تقول .. إلى أن رأيت ما حققناه يا سيدي المحبط - ( بكسر الباء أو بفتحها) – وتأكدت
أنه لا وجود للمستحيل ..
سأكمل تحقيق حلمي
..
فمن سيرافقني منكم
في رحلتي تلك ؟
محمد العليمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق