الخميس، 19 يوليو 2012

ختاماً أقول ..

أسأل نفسي كثيراً .. لماذا أتذكر دوماً ذكرياتي في الحملة بالإسكندرية برغم أنني معروف بالنسيان المستمر ؟؟
في الحقيقة أن كل من في الحملة يُجبرك على تذكره  ..
وبالنسبة لي فإن نالت التدوينات عن الحملة إعجاب البعض فأظن أن السبب في ذلك لا يعود إلى أسلوبي في الكتابة أو أي شيء له علاقة بي ..
السبب في ذلك من أكتب عنهم ..
فهم - في رأييّ - السبب الرئيسي في خروج التدوينات بهذا الشكل ..
ولهذا وجب على أن أتوجه بالشكر لهم علي معرفتي بهم ..
 أتوجه بالشكر إلى كل من عرفتهم أثناء عملي بالحملة وإن كان أغلبهم كانوا لا يعرفونني حينها وبعضهم لا يعرفونني حتى الآن .. وهم حسب الترتيب الزمني لمعرفتي بهم : 
(محمد مجدي ، محمد عبده ، الحاج / سامي المحلاوي ، مدام / إيمان عمر ، أسامة عابدين ، إسلام عيد ، سيد عبد الخالق ، نورهان الشرقاوي ، عادل نصر ، نائلة الدمرداش ، ياسمين شحاتة ، عبد الرحمن صباحي ، بسمة ضيف ، محمد فايد ، محمد السيد ، أمير الطباخ ، أية السعيد ، آمن طه ، كريم المصري ، بسنت ، عمرو أحمد ، محمد النشار ، مروان ياسين ، عز علاء مشالي ، دعاء الدسوقي ، أيمن إبراهيم ، إسلام رجب ، أمجد وجيه ، طه محمد ، نور الدين طاهر، أحمد أمين ، أحمد مرسي ، محمد النشار ، عبد الرحمن حسونة ، يوسف كشك ، م/ ناصر عبد الله ، محمد منصور ، معتز عصام ، علي ماهر ، أيهاب محمود ، يسرا فاروق ، سمر فاروق ، محمد عبودة ، محمد عمارة ، بسمة كامل ، زهرة هاني ، محمود أبو ستة ، أحمد صالح ، عبد الله النشار ، كريم النجار ، مازن مجدي ، فريدة أحمد ، محمد رمضان ، محمد عادل ، أ/ هاني السعدوي ، علاء الصوالحي ، محمد عصام ، صفوان حسن ، نادين ملوك ، أحمد منسي )



شكر خاص إلى من تشرفت بمعرفتهم بعد فترة الإنتخابات :
(م/ طاهر ، م/ عصام عبد المنعم ، مدام/ منى جابر ، أحمد معطي ، ياسمين البدري ، إبراهيم حسين ، محمود عبد الباري ، زينب أحمد ،  تقوى الصياد ، محمد عبد الفتاح ، أ/ أيمن خالد ، محمد عبد الفتاح ، ندا العدوي ، نورهان العدوي)


وأتوجه بالشكر إلى من لم أتشرف بمعرفتهم أو غفلت عن ذكرهم ..

وأشكر في النهاية من تجمعنا حوله وشاركناه حلمه ..
حمدين صباحي .. 

محمد العليمي
19 يوليو 2012


الأربعاء، 18 يوليو 2012

(10) إنها ليست النهاية ولكنها البداية ..


من قال أن النوم سلطان ؟
لقد عاملته وكأنه خادم بإهمالي له طوال الثلاث أيام السابقة .. وها أنا لا آخذ قسطاً كبيراً منه مرة أخرى وآخذ منه قدر ما يجعلني أستيقظ لأعود مرة أخرى إلى المقر لمتابعة النتائج مع باقي أعضاء الحملة .
دلفت إلى المقر الكبير للحملة ب(جليم) وأنا أبدو كمصاصي الدماء من شدة شحوب وجهي ، لكني شعرت أنني لست بمفردي في تلك الحالة .. فكل المتواجدين هناك كانوا في حالة (اللا نوم - اللا يقظة) الشهيرة ..
" أيه الأخبار يا شباب ؟ "
لم يجيبني أحد من الجالسين ؛ فهم يتابعون مؤشرات النتائج عبر التليفزيون .. فوقفت بجوارهم أتابع .
لقد انقلبت النتائج بشكل مريب ..
أصبح هناك صراع مشتد بين (حمدين) و(شفيق) على المركز الثاني .. وأصبح السؤال المطروح في المقر هو : " من أين أتت كل تلك الأصوات ل(شفيق) ؟ "
رضخنا للأمر وترقبنا وصول نتائج باقي المحافظات والتي ستكون فاصلة .
مابين الإنترنت والتليفزيون نتنقل .. وتتبدل مشاعرنا في كل لحظة وبعد كل نتيجة ..
القلق هو سيد الموقف كما يقولون ..
المقر يمتلئ بمن أعرفهم ومن لم أعرفهم ومن عرفتهم لاحقاً ..
(نادين ملوك) تخبرنا عن شعورها بأن هناك أمر مريب في النتائج ..
(عز مشالي) يتابع ردود الأفعال عبر الإنترنت ..
(أحمد منسي) يطالب المتواجدين أن ينصتوا إلى الأنباء الواردة عن نتائج أحد اللجان ..
يرن هاتفي فأجد رقم مجهول على الشاشة ..
" ألو السلام عليكم .. (محمد العليمي) معايا ؟ "
- " أيوا يا فندم مين معايا ؟ "
- " أنا (محمد) مندوب (محمد مرسي) اللي كنت معاك في اللجنة "
- " آه أهلا وسهلا .. تحت أمرك "
- " أكيد حضرتك طبعاً متابع النتيجة فكنت عايز أعرف حملتكم هتدعم مين في حالة وجود (شفيق) مع د. (محمد مرسي) في الإعادة ؟ "
قلت له محاولاً عدم سبه :
- " أولاً لسه النتائج ما خلصتش عشان حضرتك تسألني السؤال ده .. فأزاي تسبق الأحداث وتطلب منا كحملة نحدد موقفنا من حاجة لسه في علم الغيب !!! .. لسه السباق ما خلصش "
- " أنا عن نفسي بتمنى أن (حمدين) يبقا مع د. (محمد مرسي) في الإعادة "
كنت قد فقدت أعصابي تماماً في تلك اللحظة فقلت والغضب يُغلف صوتي :
- " وانتو خلاص أتأكدتو إنكم في الإعادة كمان ؟؟؟ .. ده شكلك جايب النتيجة من الكونترول بقى .. معلش أنا مضطر اقفل لأن عندي حاجات مهمة لازم أعملها "
وأنهيت المكالمة وودت لو حطمت الهاتف من شدة الغضب .. ولكني تمالكت نفسي ووقفت بجوار النافذة أدخن سيجارة بعصبية .
تركض الساعات ومعها يصبح (حمدين) في المركز الثالث بفارق من الأصوات عن (شفيق) ويتبقى نتائج محافظتي القاهرة والجيزة ..
كانت الدعوات تملئ أفواهنا وأفئدتنا بأن تكون هاتان المحافظتان هما طوق النجاة ل(حمدين) ..
مرت لحظات الإنتظار علينا كأعوام .. ومرت الدقائق كعقود ..
نشعر بالتفاؤل أحياناً .. نُصاب بالإحباط أحياناً أخرى ..
نستمع إلى أنباء عن صعود (حمدين) إلى المركز الثاني فنهلل .. نستمع إلى أنباء أخرى عن إتساع الفارق بينه وبين (شفيق) فنُصاب بخيبة الأمل ..
وجاءت المؤشرات النهائية بإعلان نتائج محافظة الجيزة ..
حمدين في المركز الثالث ..
بدا الأمر وكأن كل شخص منا قد أحيطت به أسوار .. كل منا أصبح في عالم خاص به  فلا يرى أحد من حوله ولا يشعر بوجود أحد ..
هناك من أفترش أرضاً وظل شارداً ..
هناك من ظلت تبكي ..
هناك من حبس دموعه وإن رأيناها في تفاصيل وجهه وفي كلماته ..
حالة من الصمت أصابتنا جميعاً ولم يجرأ أحد منا على مؤازرة الآخر ..
ظللت واقفاً أنظر إلى الوجوه التي بكت بدلاً عن بكائي وصمتت بدلاً عن صمتي ..
وجدت (أسامة عابدين) يقترب مني ويقول لي :
" زعلان ليه ؟ .. حمدين ما خسرش .. حمدين هو الريس "
أعترف أنني لم آخذ ما قاله بمحمل الجدية في تلك اللحظة .. ولكني في الأيام التالية فهمت ما كان يقصده ..
نعم (حمدين) لم يخسر وحلمنا لم ينتهي ..
لقد أثبت (حمدين) أنه هو الأجدر وحقق ما لم يحققه غيره ممن أدعى أنصاره أن فرصته أعلى وأن فرصة (حمدين) في الفوز ضعيفة ..
إلتففنا حوله لأننا رأينا فيه مستقبلنا .. رأينا في صدقه أحلامنا ..
رأينا فيه الثورة التي قال أنه حلم بها وتمنينا أن نحقق معه أهدافها ..
وفي تلك اللحظات التي أكتب فيها تلك الكلمات نُكمل ما ظننا أنه انتهى بخروجه من السباق الرئاسي ..
نُكمل الحلم الذي لن ينتهي ما دمنا أحياء وما دمنا نعشق هذا الوطن .
قد يكون هذا آخر مقال عن ذكرياتي داخل الحملة ولكن علاقتي بالحملة لم تنتهي ..
فالأهداف ما زالت قائمة ولم تتحقق وسأظل معهم حتى تتحقق ..
ومن يعلم ؟ .. فربما بعد أن نحقق أهداف التيار الشعبي وننجح في تلك التجربة تجدونني وقد كتبت عن تجربتي فيه ..
هل ما سأكتبه سيكون تحت عنوان ( أن تكون في التيار الشعبي) ؟
لا أعتقد ذلك .. ولكني واثق أن ما سأكتبه حينها سيكون عن نجاحنا في الإنتخابات البرلمانية ولربما الرئاسية إن تمت مُبكراً ..
أسمع من يقول أنني أحلم وواهم ..
كنت أقول مثلما تقول .. إلى أن رأيت ما حققناه يا سيدي المحبط - ( بكسر الباء أو بفتحها) – وتأكدت أنه لا وجود للمستحيل ..
سأكمل تحقيق حلمي ..
فمن سيرافقني منكم في رحلتي تلك ؟

 محمد العليمي

السبت، 14 يوليو 2012

(2-9) اليوم الثاني للإنتخابات (الجزء الثاني)

مندوب (أبو الفتوح) يجلس وعلى يمينه مندوب (حمدين) ويجلس بجواره مندوبي (محمد مرسي) ومعهما وكيلاً عنه وعلى يسارهم وكيل (عمرو موسى) ويجاوره مندوب (أحمد شفيق) الذي حضر قبيل بدء الفرز بساعات قليلة ..
مشهد لا يتكرر إلا في الإنتخابات ..
سبعة أفراد يُمثلون خمسة أنماط من المرشحين ..
يجلسون وكل منهم يترقب ويأمل في فوز مرشحه ..
قد يبدو المشهد للبعض وكأنه إحدى حلقات ستار أكاديمي وأن الجمهور سيختار أحد الجالسين بينما المذيعة تقول بلهجتها اللبنانية :
" لحظات أليلي وراح نشوف مين اللي راح يبقا معنا للمرحلة التانية ومين اللي بيختاره الجمهور عن طريق التسويت "
بينما موسيقى تُصيب بالتوتر تدوي لتُزيد الأمر تعقيداً ولا يلاحظ أحد أنها نطقت كلمة (التصويت) بشكل غريب ..
هذا في حالة ما إذا كنت من عشاق (ستار أكاديمي) .. أما إذا كنت مثلي من كارهيه فسيبدو لك الأمر مختلف ..
كان الوضع خليط عجيب من الهدوء والسلاسة ولو كان هناك توتر فقد حبسه كل منا داخله ولم يتسرب إلى جو اللجنة .
في البداية قام القاضي بتوضيح طريقة الفرز والتجميع والإحصاء للعاملين باللجنة ثم بدأ تفريغ الصناديق ..
تم إستبعاد الأصوات الباطلة ثم بدأ مسئول تنظيم الطابور الأستاذ (أحمد) في توزيع أوراق التصويت وقراءة أسم المرشح الذي تم اختياره في كل واحدة منها ..
" حمدين  .. حمدين .. حمدين .. مرسي "
تحولت نبرته عند كلمة (مرسي) إلى نبرة ساخرة .. ويرجع ذلك إلى أن أستاذ (أحمد) لا يطيق الإخوان ، وبرغم معرفته السابقة بمندوبهم الأساسي إلا أنه كان يصارحه بذلك في كل مرة بينما كان يتعامل معي بكل ود وكان من الداعمين لإحتمالية عدم صحة تهمة شراء الأصوات التي كنا سنُتهم بها .
" حمدين  .. حمدين .. أبو الفتوح .. مرسي .. حمدين .. شفيق .. شفيق .. حمدين "
نطق كلمة (حمدين) بسعادة لاحظها الجالسون فظهر الغضب على وجه المندوب الأساسي لمرشح الإخوان وخصوصاُ أنه نطق كلمة (مرسي) بسخرية مجدداً ..
أما أنا فكانت كلمة (حمدين) تصل إلى أذني وتجعل قلبي يرتجف .. ليست برجفة سعادة فقط بل هي ممزوجة أيضاً بالقلق والخوف .
أستمر الفرز وأستمر معه سماعي لأسم (حمدين) بشكل متكرر وازدادت سعادة أستاذ (أحمد) ..
كان ينظر إليّ مبتسماً وكان أكثر مني سعادة ، وظهرت سعادته في إضافته لعدة مصطلحات عند استخراجه ورقة خاصة ب(حمدين) ..
" ها هو النسر يرفرف .. حمدين "
حذره القاضي من تصرفه هذا .. ولكنه أستمر في عمله مبتسماً ..
" النسر .. النسر .. حمدييييين .. أبو الفتوح .. مرسي "
كان المندوب الأساسي لمرشح الإخوان يستشيط غضباً وقال لي أنه تضايق بالفعل مما يفعله أستاذ (أحمد) ولكنني كنت أعلم السبب الحقيقي لغضبه ..
 المؤشرات لتصدر (حمدين) هي ما يغضبه ..
" حمدين .. عمرو موسى  .. حمدين  .. حمدين "
أستمر الفرز إلى ما يقرب من الساعة وما إن انتهى حتى قلت للمندوبين ساخراً :
" شوفتو شراء الأصوات بقى بيعمل ايه .. "
وحانت لحظة تجميع الأصوات ..
وبرغم تأكدي من تصدر (حمدين) إلا أنني كنت في حاجة إلى سماع رقم يُثلج صدري ..
وبدأت الصورة تكتمل ..
(حمدين) تصدر أصوات لجنتي بعدد أصوات 1105 من أصل 2076 صوت صحيح ..
فقمت بإرسال عدد الأصوات في رسالة نصية إلى كلاً من (أسامة عابدين) و(عبد الرحمن صباحي) نظراً لبقائي داخل اللجنة لحين انتهاء تجميع باقي أصوات المرشحين .
نهضت لأقف بجوار النافذة ذات القضبان الحديدية لأستنشق بعض الهواء فوجدت عسكري شرطة يسألني عن المتصدر في لجنتي فأجبته :
- " حمدين "
إبتسم قائلاً :
- " الحمد لله "
لا أستطيع وصف وقع كلمته تلك على مسمعي .. شعرت أنها نابعة من داخلي ومن داخل كل شخص يرى في شخص (حمدين) النصير والمُنقذ من عتمة ذلك الليل الذي نحيا فيه .
تم الإفراج عنا نحن المندوبين وتسلمنا محاضر نتائج اللجنة وخرجت لأرى نتيجة اللجنة المجاورة لي فأخبرني أستاذ (مصطفى) مندوب حملتنا أن (حمدين) أحتل المركز الثاني في لجنته بفارق 81 صوت عن (عمرو موسى) ..
قمت بجمع أصوات (حمدين) في اللجنتين فكان مجموع كليهما يفيد بتصدر (حمدين) في لجنتيّ مدرسة (أبو الهول) بمنطقة مينا البصل  .
وكان مندوب (أبو الفتوح) يقف بجواري في تلك اللحظة فوجدته يُخبرني بأنه سيصوّت لصالح (حمدين) في جولة الإعادة فطلبت منه الدعاء له بأن يتم الله نعمته علينا ونتصدر في باقي اللجان .. بينما رأيت مندوبي الإخوان وقد تحاشا التحدث معي فقلت لنفسي :
- " مصلحة " .
أخبرني الأستاذ (مصطفى) أننا سنجمع محاضر اللجان المحيطة بنا ونتجه إلى مقر الحملة ب(جليم) لتسليمها ..
وكانت النتائج مُبشرة .. وكانت المكالمات تنهال منا وعلينا بخصوص النتائج طول الطريق .. إلى أن وصلنا إلى المقر .
وفي غرفة العمليات سلمنا المحاضر .. وفي غرفة العمليات كان الجميع منهمك فيما يتعلق بتجميع المحاضر ..
كانت غرفة العمليات ما هي إلا خلية نحل بكل ما تحمله العبارة من معنى .. ودون أدنى مبالغة ..
تركتهم وتمنيت لهم التوفيق وتذكرت أنني لم أنم منذ حوالي الثلاثة أيام فغادرت المقر الكبير و ....
اتجهت للمقر الصغير ..
فأنا لم أستطع أن أتخيل مجرد تخيل أن أنام دون أن أطمأن على النتيجة ..
إذاً سأبقى مستيقظاً وسأظل أتابع النتائج في المقر الصغير عبر التليفزيون .
وجدت العديد من الشباب جالسين هناك وجميعهم قد رفضوا الذهاب إلى منازلهم لنفس أسبابي .. ومنهم من كان مندوب ومنهم من كان وكيل عاماً ..
دعوني أقدم لكم بعض الجالسون ..
(بسمة كامل) – من ألقتني داخل الأتوبيس في فاعلية (السيوف) - و(بسمة شلبي) و..
" أنا أسمي (محمد عصام) وده (صفوان) .. "
صافحتهما وجلست بجوارهما وعلموا أنني كنت مندوباً فسألوني عن النتائج وعن الأحوال وسردت لهم كل ما حدث ..
أردت أن أرى ردود الأفعال على النتائج عبر الإنترنت فأستعرت هاتف (بسمة كامل) للولوج إلى الفيس بوك ..
وكانت هناك حالة من التفاؤل منتشرة على الصفحات والجميع يتوقع فوز (حمدين) ..
" يا جماعة (حمدين) لو خسر أنا ممكن يجرى لي حاجة "
قالتها (بسمة شلبي) وهي تتابع النتائج على التليفزيون فأخبرتها أننا يجب أن نتوقع الأسوأ دائماً وأنه لابد من وجود فائز وخاسر وإن كنت أناقض نفسي بقولي هذا .. فأنا أيضاً لا أتخيل أن يفوز أحداً غيره .
أحضر (محمد عصام) لنا الشاي ليُبقينا متيقظين وما إن انتهت كلاً من (البسمتان) – جمع (بسمة) - من شربه حتى أخبرانا أنهما سيتجهون إلى المقر الآخر .. بينما استلقى (صفوان) على الأريكة محاولاً النوم .
جلست أنا و(محمد عصام) بمفردنا نتابع النتائج عبر مختلف القنوات ..
الساعات تركض بشكل مبالغ فيه ..
لم أدرك أن الساعة في تلك اللحظة قد تخطت الثالثة صباحاً إلا حينما أخبرني (محمد) أن أوقظه في الثالثة والنصف ..
ونام هو بينما جلست أنا أغالب ذلك الثقل الذي تحمله أجفاني ..
ولكن لا فائدة .. لقد دخلت إلى عالم النعاس ..
لم أعلم مقدار ما نمته ولكني علمت أن الشمس تشرق حينما فتحت عيناي ..
كان مشهداً رائعاً ذلك الذي رأيته ..
البحر وفوقه خطوط من النهار تتسلل إلى الليل الذي حمل أمتعته وقرر الرحيل ..
أيقظت (محمد عصام) بينما أبى (صفوان) أن يستجيب فتركناه نائماً كما هو ، وقمنا بتشغيل التليفزيون لنرى آخر النتائج ..
(مرسي) في المقدمة يليه (حمدين) ويقترب منه (شفيق) ..
أصابتنا حالة من الدهشة ..
كيف يقترب شفيق ؟؟؟؟؟!!!!!!!!
بل السؤال هو من أين أتت كل هذه الأصوات ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
صدعنا بالأمر واستكملنا المتابعة ليصلنا بعدها أنباء شبه مؤكدة عن تصدر (حمدين) لنتائج الإسكندرية وأنه جاري تحديد عدد الأصوات .
صرت كالطالب الذي يحضر أخر محاضرة أدوّن أرقام الأصوات في المحافظات ثم توجهت أنا و(محمد عصام) إلى المقر الكبير ..
كان الأستاذ (محمد عبده) جالساً بجوار الأستاذ (عبودة اليماني) أحد كوادر الحملة وحزب الكرامة .. فتوجهت إليه وأبلغته بما جمعته من أرقام من المحافظات حتى الآن ..
كنت منهمك في القراءة بينما وجدته يقول للأستاذ (عبودة) :
" إسمع وشوف الراجل ده وشوف الشغل والإجتهاد "

لم تمنعني عبارة المدح تلك من إكمال عرضي للنتائج حتى جاءت إحدى الزميلات وأخبرتنا أن النتيجة النهائية للإسكندرية هي تصدر حمدين بعدد 602 ألف صوت ..

حمدت الله ومنعت دموعي من الانهمار .. لم يضيع جهدنا ولم يضيع كل ما فعلناه من أجل أن ينتصر هذا الرجل ..

فعلنا ذلك مؤمنين بكفاءته وصلاحيته لهذا المنصب ..

لقد كُللت مهمتنا في الإسكندرية بنجاح والحمد لله برغم كل العثرات والسلبيات ..

يبقى الهدف الأكبر ..

النتيجة النهائية ..

أنتظرها وينتظرها معي باقي الشباب الذي لم ينم منذ أيام .. ننتظرها لنسعد ربما للمرة الأولى في عمرنا .

للأمانة لم أستطع الصمود أكثر من ذلك دون نوم .. فشددت على همم زملائي وإتجهت إلى منزلي للنوم لعدد قليل من الساعات ثم أعود بعدها للمقر لأتابع معهم المؤشرات النهائية للنتائج ..

أما ما حدث في يوم المؤشرات النهائية فله قصة أخرى قد تكون الأخيرة ولكنها ليست بالأخيرة ..


ما معنى هذا ؟

إنتظروها لتعرفوا ما أقصده ..



محمد العليمي


الثلاثاء، 10 يوليو 2012

(1-9) اليوم الثاني للإنتخابات (الجزء الأول)


" تيت تيت تيت .. تيت تيت تيت "
تباً .. أنه ذلك المنبه اللعين ..
صبراً .. ها أنا أستيقظ ..
" أنت لم تنم جيداً .. لن يحدث شيئاً لو غفوت لمدة ساعتان إضافيتان " ..
فلتذهب إلى الجحيم أيها الشيطان .. هل أنت تابع لأحد المرشحين أم ماذا ؟؟
سأنفض غبار النوم (بالعند فيك) ولن أجعلك تسعد برؤيتي أتأخر عن موعد فتح اللجنة ..
لكزت ذلك الشيطان الانتخابي في صدره وبدأت في الاستعداد للمغادرة ..
وبما أنني قد غفوت نصف الساعة في المكيروباص .. إذن فقد صار مجموع ما نمته ساعتان ونصف ..
فليذهب النوم إلى الجحيم .. والمجد للقهوة والشاي في إنقاذ هذا اليوم .
كنت حاضراً أثناء فتح الغرفة المتواجد بها صندوقي الإنتخابات .. تفحصت الأرقام المسلسلة للصناديق والأقفال والأبواب وتأكدت أن أماكن الصناديق لم تتغير ثم حملت أحد الصناديق مع أحد المندوبين وتوجهنا إلى اللجنة ..
وبعين صقر تَغَلَب على الرغبة في النوم صرت أتابع الناخبين وهم يدلون بأصواتهم .
وجدت شاب وقد أطال البقاء أمام الورقة .. شعرت بالريبة .. فنهضت لأرى ما خطبه ..
نظرت إلى أحد جوانب الحاجز اللامع الذي يضع فوقه ورقة التصويت فلمحت إضاءة قد سطعت ..
إذن فهو يقوم بتصوير صوته ..
طالبته بالتوقف وأخبرت قاضي اللجنة بما يفعله ذلك الشاب فتوجه نحوه القاضي وظل يحادثه لمدة دقيقة ثم أمره بإزالة الصورة من هاتفه المحمول وأن يضع ورقة التصويت في الصندوق ..
وجدت القاضي بعد إنصراف ذلك الشاب يتجه نحوي ويقول لي بطريقته المتحفظة التي اعتدتها :
" على فكرة الأخ ده كان عاطي صوته للمرشح بتاعك "
قلت له بدون تردد :
" الحق أحق أن يُتبع .. والغلط غلط حتى لو كان في صالحي .. وحتى لو كنت لمحت انه عطى صوته ل(حمدين) برضه كنت هبلغ عنه يا فندم "
أومأ لي برأسه وإتجه إلى مكتبه .
بعد دقائق أتى المندوب الأساسي لمرشح الإخوان ووجدته يسألني عن الأحوال فأخبرته بما حدث لأنه لو علم من أحد غيري فسيظن أنني لم أخبره بالأمر لأن على رأسي (بطحة) ما ..
حاول أن يبدو كمن تضايق من سماح القاضي لذلك الشاب بالرحيل ولكن ما هي إلا لحظات حتى عاد إلى هوايته المفضلة ..
هواية تلميع صورة الإخوان وقراراتهم الخاطئة ..
في البداية حدثني عن غضبه من (حمدين) لقراره بأن سيُعين نائب قبطي ونائبة له في حالة فوزه .. ومن المثير للضحك أن مرشحه قد قرر القيام بذلك عندما فاز بالرئاسة .. فكم أتمنى أن أرى ردة فعل الآن ..
يبدو أن التناقض هواية عندهم ..
نعود إلى موضوعنا الأساسي فلا طائل من الكلام عن من لا يعقلون .
عيناي تتفحصان كل شيء بينما مندوب الأخوان يتحدث عن سبب تراجعهم عن قرارهم بعدم التقدم بمرشح للرئاسة ..
أرى رجل ترافقه ابنته الصغيرة يتقدمان نحو (الإستاند) ليقوم بالتصويت بينما يتحدث مرشح الإخوان عن سبب وقوفهم في صف المجلس العسكري حتى وقت قريب ..
أشعر أن هناك شيء ما سيحدث من ذلك الرجل الذي ترافقه ابنته بينما يتحدث مرشح الإخوان عن إنجازاتهم في البرلمان ..
هممت بالوقوف لأرى أمر ذلك الرجل ولكن أحد مراقبي اللجنة قد سبقني إليه ..
كما توقعت .. كان يحاول هذا الرجل أن يلتقط صورة لورقة تصويته وها هو القاضي يتحدث معه وينظر في الورقة الخاصة به ثم يأمره بإزالة الصورة من هاتفه ..
أتجه القاضي نحوي وقال لي بهدوء وتحفظ :
" غريبة دي .. ده تاني واحد بيصور صوته ويطلع صوته لمرشحك "
قالها وتركني أصارع أفكاري ..
جلستُ أضع الإحتمالات في حالة ما إن تكرر الأمر للمرة الثالثة وتَحوله من صدفة إلى ظاهرة ..
لديّ ثلاث احتمالات :
1- أن يكون الأمر مجرد صدفة وألا يكون التصوير بغرض إثبات التصويت الخاص بشراء الأصوات ، وأن يكون الغرض من التصوير هو فقط الاحتفاظ بالصورة كتذكار أو رفعها على الانترنت كما حدث في حالة التصويت للمصريين بالخارج .
2- أن يكون أحد مؤيدي (حمدين) قد ظن أنه يخدمنا من خلال قيامه بدفع مبلغ من أجل التصويت له والغرض من التصوير إثبات التصويت له وهو ما لا نقبله .
3- أن يكون الأمر مُدبر من حملة أحد المرشحين لتشويه حملتنا وإلصاق تهمة شراء الأصوات بنا .
لا داعي للحكم المبكر على الأمر .. فلأنتظر لأرى إن تكرر الأمر مرة أخرى ..
وكان من المتوقع أن يثرثر مندوب مرشح الإخوان حول الأمر وصار يتحدث عن استحالة أن يكون الأمر هو شراء للأصوات من قبل حملتنا لأن حملتنا تمتاز بالشرف ..
وكان بالطبع اللؤم والخبث يتساقط من كلماته فأخبرته بالإحتمالات الخاصة بهذا الأمر وأننا يجب أن ننتظر حتى نرى حقيقة الأمر .. وصاحبَت كلماتي الحدة فآثر هو الصمت وجلس يراقب العملية الإنتخابية كما يسمونها ..
وحدثت الواقعة للمرة الثالثة ..
وكان مندوب مرشح الإخوان هو من ضبطه إن صح التعبير ..
وكانت تلك اللحظة من اللحظات القليلة التي تمنيت أن يكون شخص ما قد أعطى صوته لأحد المرشحين الآخرين .. لأن ذلك الصوت إن خسره (حمدين) فقد أخرس المتربصين ..
ولكن أمنيتي لم تتحقق وكان الصوت ل(حمدين) بالفعل ..
مممممممممممممممممممممم ..
قال لي القاضي :
" خلي بالك ده تالت واحد يتمسك بيصور صوته ويطلع صوته ل(حمدين) .."
وددت لو أخبرته أنه (جاب التايهة) أو (يا راااااااااااااااجل) ولكني أخبرته أنني سأقوم بالإتصال بالحملة لأطلعهم على الوضع ..
قمت بالإتصال ب(عبد الرحمن صباحي) وأطلعته على تلك المشكلة وأخبرني أن الأمر من المؤكد أنه لن يتعدى كونهم يلتقطون صور للذكري والتفاخر بأنهم أعطوا صوتهم ل(حمدين) ولكن عليّ أن أخبر القاضي بأن يقوم بعمل محضر إذا ما تكررت الواقعة للمرة الرابعة ولنرى حقيقة الأمر ..
دلفت إلى داخل اللجنة وطلبت من القاضي بأن يتخذ اللازم في حالة تكرار الأمر .. بينما قمت بالولوج إلى الإنترنت من خلال هاتفي المحمول وقمت بكتابة (بوست) على صفحة مؤيدي حمدين الخاصة بي أطالب فيه ألا يقوم أحد بتصوير ورقة تصويته تجنباً لأية شبهات أو مشكلات ..
وانتظرت كنمر ينتظر فريسته – حلو التعبير ده على فكرة - والعجيب في الأمر أن الفريسة هي شخص سيعطي صوته لمرشحي .. تخيل هذا !!!!!!
هاهو شاب يرتدي (تي شارت) أحد الأندية .. ويتقدم نحو (الإستاند) .. يضع علامة أمام أحد المرشحين .. يُخرج هاتفه المحمول .. يلتقط الصورة .. وها أنا أتوجه نحوه لأطلب منه التوقف وأطلب من القاضي أن يأتي ليرى الأمر ..
كان رد فعل القاضي هذه المرة مختلف .. فأتجه نحوه ونظر إلى ورقة التصويت الخاصة به وسأله بعصبية عن سبب قيامه بذلك وسأله عن إذا كان قد تلقى مبلغ مادي مقابل صوته لأنه رابع حالة تصوير اليوم ويكون صوتهم لنفس المرشح ..
كان رد الشاب قاطع بل كان مندهشاً من الاتهام الموجه إليه و قال أنه ألتقط الصورة من أجل أن يقوم برفعها على (الفيس بوك) مثله مثل الكثيرين ..
أنفرد به القاضي جانباً ودار بينهما حديث لم أسمعه ولكن بدا فيه محاولة القاضي للضغط على ذلك الشاب بينما بدا على بدا الشاب إنكاره وإصراره على ما قاله وغضبه من هذا الإتهام ..
يبدو أن القاضي أقتنع أن الأمر لا تشوبه شبهة شراء الأصوات فسمح له بإستكمال إجراءات الانتخاب ..
ولكني برغم ذلك قررت أن أخرج بحثاً عن حقيقة الأمر حتى يطمأن قلبي .
إتجهت إلى أحد الشوارع المجاورة للمدرسة .. كان الشارع ما هو إلا سوق في بدايته بانر تم تعليقه في منتصف الشارع لتأييد أحد العائلات ل(حمدين) ..
البوسترات منتشرة ل(حمدين) على الحوائط وعلى واجهات المحال وإن كان هناك بعض البوسترات لمرشحين آخرين ولكنها كانت أقل عدداَ ..
توقف أمام محل بقالة يبدو عليه القِدم لشرب المياه الغازية وسألت صاحبه :
" أنا ملاحظ ان فيه دعاية كتير ل(حمدين) هنا .. يا ترى دي دعاية بس ولا الناس هنا مقتنعة بيه وهترشحه ؟ "
قال لي :
- " لأ الناس هنا كلها مقتنعة بيه وكله بيقنع اللي حواليه .. تصدق وتآمن بالله "
- " لا إله إلا الله "
إتجه نحو أحد الرفوف وأخرج رزمة من الأوراق وقال :
" أنا مصور له على حسابي أكتر من 200 ورقة دعاية وبديها لأي حد يجيلي .. ومحدش قال لي أعمل كده أنا عملت كده من نفسي .. الراجل ده هو اللي ينفع يمسكها .. هو اللي هيجيب لنا حقنا يا أستاذ "
- " أومال أيه حكاية الفلوس اللي بتتوزع عشان الناس تنتخبه دي ؟ "
ضحك بإستهزاء وقال :
"هأوووو .. فلوس ايه يا أبو فلوس ؟ .. أنتا عارف وأنا عارف مين اللي فعلاً بيوزع فلوس ..
إنما (حمدين) مش محتاج حد يشتريله أصوات .. (حمدين) الناس إقتنعت بيه خلاص يا هندسة .. "
ألقيت عليه السلام وغادرت عائداً إلى لجنتي ..
وما إن عدت حتى وجدت المندوب الأساسي لمرشح الإخوان يخبرني بأنه – كما توقعت - أبلغ مسئولي حملته عن ما حدث .. أخبرته أنه لا مشكلة في ذلك ولكنه لو كان يظن أن في الأمر شبهة شراء أصوات من جهة حملتي فهو واهم .. فهل يظن أن الحملة إن فعلت ذلك ستتركني أضبط من يفعل ذلك ؟؟؟
ظل يتحدث عن ثقته بنزاهة (حمدين) وشرفه وثقته في ذلك وكأنني سأصدق ذلك المدح الذي يغرقني به .
توجهت نحو القاضي ووجدته يتحدث مع أحد الرتب العسكرية وسمعته وهو يخبره بما حدث وأنني أنا من كشفت من يقوم بالتصوير في مرتان من الأربع مرات وأنه – القاضي – متأكد أن الموضوع لا يتعدى كونه من قبيل الرغبة في إلتقاط صور كتذكار .
جلست أتابع مهمتي بعدما انتهى ذلك الأمر وجاء مندوب الإخوان ليكمل دوره في الحديث عن مدى صلاحية مرشحه وإمكانياته ..
هنا فاض بي الكيل .. أخبرته أنه إذا كان مرشحه بكل تلك المميزات التي ذكرها فلماذا لم يكن إختيارهم الأول ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وكيف يطالبوننا بأن يكون إختيارنا الأول في الإنتخابات وهو إختيار جماعته الثاني ؟؟؟؟؟؟
توقف عن الحديث وبدا كمن سكب عليه أحدهم دلو من الماء المُثلج .. وقال لي :
" عندك حق في النقطة دي "
وكان لجملتي مفعول السحر فقد توقف عن الحديث لفترة طويلة ..
ومرت ساعة وإثنتان و ثلاث ساعات ولم تحدث أي واقعة للتصوير والحمد لله ..
وأقترب موعد الفرز ..
لم أكن متفائلاً بالنسبة إلى نتيجة الفرز لأنني لم أملك أية مؤشرات تُثبت أن النتيجة ستكون مُبشرة لنا ..
وبدأ الفرز وبدأت النتائج في الظهور ..
ولكني سأتوقف عن السرد عند تلك اللحظة وسأستكمل باقي ما حدث في ذلك اليوم في المرة القادمة إن شاء الله ..
فإنتظروني ..

(يُتَبع)


محمد العليمي